التغريدة (101) الحرية والعدالة وإنقاذ مصر
بعد فوز قائمة أطباء من أجل مصر- المدعومة من الإخوان المسلمين – بأغلبية مقاعد مجلس النقابة ومعظم النقابات الفرعية ومنصب النقيب وربما يتكرر هذا الأمر في نقابات أخري بل ربما يحدث في الانتخابات البرلمانية القادمة وأخشي ما أخشاه أن يتكرر سيناريو جبهة الإنقاذ في الجزائر عام 1991 مع حزب الحرية والعدالة 2011 مع أن الفاصل الزمني 20 سنة لكن الظروف تكاد تكون متشابهة داخليا وخارجيا
ولإنقاذ الحرية والعدالة من مصير جبهة الإنقاذ أقدم لهم وأنا العبد الضعيف نصيحتين: الأولي إعمال التفكير والتخطيط الاستراتيجي والبعد عن السيطرة والطمع في غالبية المجلس القادم حتي لا يكون ذريعة لتكرار سيناريو جبهة الإنقاذ خصوصا إذا كانت قائمة المنافسين والخصوم بل والأعداء طويلة
النصيحة الثانية وهي موجهة لشباب الحرية والعدالة المتعجل للنصر والمتوثب للظفر وهي عبارة عن نبذة عن حياة عباسي مدني المناضل والمجاهد الذي حلم بدولة مسلمة في الجزائروعندما أوشك حلمه أن يري النور تم إطفاء كل الأنواروحبس الحلم وصاحبه حينا من الدهر ثم نفي الحالم و الحلم من المحيط إلي الخليج
ولد عباسي مدني عام 1931 بمدينة سيدي عقبة القريبة من ولاية بسكرة حوالي 460 كلم جنوب شرق الجزائر العاصمة ،كان أبوه إمام مسجد ومعلماً للتربية الدينية، درس علي يديه ثم انتقل وعمره 16 عاماً إلى الدراسة علي يد الشيخ نعيم النعيمي في مدينة بسكرة المجاورة وكان رفيقه الشهيد العربي بن مهيدي الذي أصبح في ما بعد أهم قادة ثورة التحرير وقتل تحت التعذيب علي يد الاستعمار الفرنسي.
بدأ عباسي مدني ممارسة العمل السياسي منذ 1940 في الحركة الوطنية الجزائرية في عهد الاستعمارالفرنسي , انضم عباسي مدني إلي المنظمة السرية التي أعدت وفجرت الثورة التحريرية في أول نوفمبر 1954. ونفذ أول عملية عسكرية له ليلة اندلاع الثورة حيث قاد مجموعة من المجاهدين الذين هاجموا مقر الاذاعة الفرنسية بالجزائر العاصمة واعتقلته الشرطة الفرنسية في 1954 وبقي في السجن السنوات السبع (1954-1962) التي استغرقتها حرب التحرير وكان يمثل الجناح الإسلامي الذي أسس نواة الحركة الإسلامية الجزائر
وبعد استقلال البلاد عام 1962 عاد مدني إلي مقاعد الدراسة حيث أكمل ليسانس في الفلسفة ثم واصل الدراسات العليا حتي الدكتوراه الدرجة الثالثة في التربية المقارنة. وما بين 1975 و1978 درس في العاصمة البريطانية حيث حاز دكتوراه الدولة في مادة التربية.
ومنذ 1982 أصبح ناشطا من أجل قيام دولة إسلامية. وقد أعلن في أكتوبر 1988 تأسيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ.بعد ما لجأ إليه أصحابه علي بلحاج و هاشمي سحنوني الذان كانا لا يستطيعان إنشاء و ترأس أحزاب سياسية لأسباب تاريخهم وعمل مدني في السياسة حيث انتخب في المجلس الشعبي للولاية الجزائر العاصمة باسم جبهة التحرير الوطني و هو كان متشبع بفكر الإخوان الذي هو سياسي أكثر منه"ديني"
وانتخب مدني رئيساً للجبهة الإسلامية للإنقاذمن طرف مجلسها الشوري. وفي يونيو 1990 قاد حزبه إلى أول نجاح انتخابي حيث فازت الجبهة الإسلامية بالأغلبية في مجالس البلديات والولايات في أول اقتراع تعددي تشهده الجزائر منذ استقلالها في 1962الأمر الذي لم يعجب العسكر فألقي القبض عليه بأمر من الجنرال توفيق مدين وبموافقة الرئيس الجزائري السابق الشاذلي بن جديد عام 1991 في مكتبه بمقر الجبهة الإسلامية للإنقاذ وهو ما يعد انقلابا علي الديمقراطية التي يتشدق بها الغرب الذي أيد مصلحته وركل الديمقراطية التي تأتي بغير حلفاؤه فتبا للغرب ولديمقراطيته
وعلى الرغم من اعتقال مدني فازت الجبهة الإسلامية للانقاذ بالجولة الأولى من الانتخابات التشريعية التي جرت في ديسمبر 1991. ولكن تم الغاء هذه الانتخابات من جانب العسكرالأمرالذي فجر العنف في الجزائر فسقط أكثر من مئة ألف قتيل ونحو 150 الف مصاب في أعمال العنف هذه مازالت آثارها حتي يومنا هذا
وفي السادس عشر يوليو 1992 حكمت المحكمة العسكرية علي مدني في البليدة (جنوب العاصمة) بالسجن 12 سنة بعد إدانته بـ"المساس بأمن الدولة" وربما كانت المسمي الأفضل للتهمة هو المساس بمصلحة العسكر والغرب من ورائهم
وفي سنة 1997 أطلق سراح مدني لأسباب صحية لكن بقي تحت الإقامة الجبرية حتى انقضاء مدة سجنه سنة 2004.
ويعيش حاليا عباسي مدني بقطر ويروي عنه دائما الفنان عادل الإمام تقديره للفن ودوره في رفعة وتقدم الشعوب كانت هذه قصة حلم عباسي مدني الذي كان قاب قوسين أو أدني من التحقق لكن تحالف الظلام (العسكر مع الغرب )أطفأ كل الأنواروأدخل الجزائر في نفق مظلم لعقدين من الزمن وهو ما أخشي تكراره مع الحرية والعدالة في مصر لكني مع ذلك أثق في فكر المرشد وإخوانه الذين صبروا طويلا علي الظلم والاستبداد والنفي والإبعاد ولن يضرهم أن يتحلوا بمزيد من الصبر والحنكة المعروفة عنهم فذلك أفضل لهم ولمصر وتفويتا للفرصة علي من يريد شرا بهذا البلد من الداخل والخارج
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق