الثلاثاء، 10 يناير 2012

مبدأ منتهى حسن النية كأحد المبادئ الهامة في عقود التأمين

مبدأ منتهى حسن النية كأحد المبادئ الهامة في عقود التأمين
جريدة الرأي الأردنية بتاريخ 29/07/2000 م
بقلم / مراد زريقات

إن الحداثة في صناعة التأمين تستوجب على شركات التأمين السعي قدماً في لعب الدور الكبير لزيادة الوعي التأميني بين القطاعات الاقتصادية الأخرى والمواطنين العاديين وذلك للمحافظة على زبائنها الحاليين واستقطاب زبائن جدد، وبهذا المجال يجب على شركات التأمين أن تحاول إزالة اللبس الذي يتكون ما بين الزبائن (المؤمن له) وشركات التأمين (المؤمن) في حال حصول الحوادث أو الخسائر والتقدم بالحصول على تعويض الأمر الذي يؤدي إلى حصول  مد وجزر بينهما وذلك لعدم وضوح المفاهيم والشروط التأمينية و المبادئ التي تقوم عليها عقود التأمين، ربما يعود هذا إلى تقصير من شركات التأمين بعدم لعب الدور في توضيح قوانين ومبادئ التأمين أو تقصير من الزبائن بعدم قراءة استمارة طلب التأمين ووثائق التأمين.

وبهذا الصدد أقدم هذه اللمحة الموجزة عت أحد مبادئ عقود التأمين ألا وهو مبدأ منتهى حسن النية.

يقوم التأمين بصفة أساسية على مبدأ منتهى حسن النية سواء تعلق الأمر بالمؤمن أو المؤمن له لدرجة أن عقود التأمين وصفت بعقود منتهى حسن النية.

ويقضي هذا المبدء بأن يكون التعامل بين المؤمن والمؤمن له بصدق وشفافية وأن يظهر كل منهم عند التعاقد كافة الحقائق المتعلقة بالتأمين ولا يخفي أحد الطرفين شيئاً جوهرياً عن الطرف الآخر، وقد يستمر هذا الالتزام أثناء سريان العقد وفي حالة الإخلال به من قبل أي طرف يحق للطرف الآخر فسح العقد.

يفرض مبدأ منتهى حسن النية التزامين رئيسيين هما:

1-  عدم الإدلاء بأي بيان غير صحيح يتعلق بعقد التأمين.
2-  الإفصاح عن جميع الحقائق الجوهرية والظروف المحيطة بعقد التأمين وعلى عكس غيرها من العقود القانونية فإن عقود التأمين يجب أن تلتزم بالمصارحة والمكاشفة ذلك أن عقود التأمين تتعامل مع خدمات وأمور غير عادية وهذا يؤثر بطبيعة الحال على موقف كل من طالب التأمين والمؤمنين من ناحيتين:

1-   يتأثر موقف طالب التأمين لأنه مقارنة بمشتري السيارة لا يمكنه اختبار فعالية وثيقة التأمين من قبل شرائها ولن يكون باستطاعته إلا أن يثق بالمؤمن وبأنه سيقوم بتسوية المطالبات بشكل مناسب عندما يحين الوقت لذلك كما أن طالب التأمين لن يعرف تفاصيل الغطاء إلا إذا قام المؤمن بتزويده بالمعلومات الموجودة لديه.
2-   يتأثر موقف المؤمن لأن طالب التأمين هو الطرف الوحيد  الذي توجد لديه كل المعلومات والتفاصيل المتعلقة بموضوع التأمين – الشيء الذي ينوي التأمين عليه – على سبي المثال إذا كان هناك شخص ينوي التأمين على سيارة (بدلا من شرائها) لن يعرف المؤمن في هذه الحالة أية معلومة عن السيارة المعنية إلا ما يخبره به طالب التأمين، فإذا تم إجراء بعض التعديلات على السيارة أو لم تكن صالحة للاستعمال فلن يكون لدى المواطن شيء ملموس بعتمد عليه لمعرفة هذه المعلومات إلا إذا قام طالب التأمين بالكشف عنها.

ومن الممارسات التي يجب أن تقوم بها شركات التأمين في التعامل مع هذا المبدأ نذكر ما يلي:-

1-    قيام شركات التأمين بالتنبيه على طال التأمين بأهمية الكشف عن الحقائق الجوهرية في استمارة طلب التأمين وفي إشعارات التجديد.
2-    قيام شركات التأمين بإضافة أسئلة واضحة في استمارة طلب التأمين بشأن الأمور التي عادة ما تكون جوهرية.
3-    تجنب شركات التأمين الأسئلة التي من المحتمل ألا يكون لدى طالب التأمين العادي المعلومات الكافية للإجابة عليها وبالتالي تجنب الإجتهاد غير المرغوب فيه.
4-    استمرار شركات التأمين في تطوير وتعديل طلبات التأمين ووثائق التأمين بحيث تكون واضحة وسهلة ومترجمة إلى اللغةا لعربية.

ومن هنا فإن التزام كل من المؤمن والمؤمن له بمبدأ منتهى حسن النية يعمل على توضيح كل الجوانب التي تندرج تحت التغطية التأمينية منذ بداية عقد التأمين وبالتالي تجنب حدوث المشاكل مستقبلاً مما يساهم في زيادة الوعي التأميني والسعي نحو تطوير هذه الصناعة الهامة.

والله زمان بقلم: فاروق جويدة

هـوامــش حـرة
والله زمان
بقلم: فاروق جويدة
فاروق جويدة
 
تبقي فترة الأربعينيات في مصر من أزهي وأجمل مراحل تاريخنا الحديث‏..‏ وقد سألت نفسي في أي المراحل تمنيت أن أعيش وكانت الإجابة دائما‏..‏ أنها أربعينيات مصر حين كانت بالفعل زهرة العالم العربي في كل شيء‏.
كانت أوروبا قد مزقتها الحرب العالمية الثانية وتحولت دول مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا إلي خرائب.. وكان العالم العربي لم يعرف بعد الذهب الأسود في حين كان الذهب الأبيض المصري هو التاج والثراء الحقيقي.. كان الفن المصري في أروع مراحل ازدهاره في السينما حيث برز عشرات النجوم وفي المسرح القومي والأوبرا القديمة قبل أن يحترقا.. وكانت الأحزاب السياسية تعيش مرحلة مخاض ليبرالي واعد حيث يتصدر الوفد الساحة السياسية.. وكانت مصر حافلة بعدد من رجال الدولة الكبار في الفكر والسياسة.. وكان الإبداع المصري قد تبلور وشيد ركائزه في الشعر والرواية والقصة.. وكان الغناء المصري حافلا بأجمل المواهب والعبقريات.. وكانت الأقليات الأجنبية تعطي لمصر أجمل ما عندها في الفنون والعمارة والتجارة.. كان الأرمن والطليان واليونانيون يجوبون الإسكندرية ويقدمون أساليب حضارية راقية.. وكانت العمارة الأجنبية قد امتزجت بالعمارة الإسلامية لتشهد مصر أروع مبانيها وكان الاقتصاد المصري قد عرف الصناعة الحديثة والإنتاج المتميز.. ولم يكن غريبا أن يعيش عدد من الشعراء والكتاب الأجانب في مصر وان تشهد المدن المصرية مجيء أعداد كبيرة من الهاربين من الحروب في أوروبا.. كان الإنسان المصري برغم الفقر والجهل والأمية قد وصل إلي درجة من النمو الحضاري والفكري جعلته مميزا في سلوكه وأفكاره وأسلوب حياته.. وكانت أسعار كل شيء في متناول الجميع طعاما وشرابا وسكنا..
من عاشوا فترة الأربعينيات في مصر يذكرون دائما جامعة القاهرة والأزهر الشامخ وحرية الصحافة وصخب الأحزاب السياسية ووسطية الفكر وترفع الحوار وليالي القاهرة الجميلة فنا وغناء ورقيا والعائلات العريقة التي جمعت من المال ما يكفي ومن الرقي ما يسلب العقول..
كان المال مجرد وسيلة.. والرقي والترفع أسلوب حياة..