الخميس، 10 نوفمبر 2011

قصة ست الحُسن بيروت من مجموعة الذاكرة المقلوبة

قصة ست الحُسن بيروت
من مجموعة الذاكرة المقلوبة بقلم د صديق الحكيم*
(1)
كما جرت العادة في كل ليلة أحكي لطفلتي الصغيرة قصة ست الحُسن والشاطر حسن لكني سأحكي لها  في هذه الليلة قصة مختلفة إنها قصة  " ست الحسن بيروت"
(2)
يُحكي أن ست الحسن والشاطر حسن ولدا في بيروت قبل عملية الصنوبر (الاسم الذي تطلقه اسرائيل علي غزو لبنان 1982) وبالتحديد في ضاحية بيروت الجنوبية فلما شبا عن الطوق ودخلا طور الحب والغرام أحب الشاطر حسن الأميرة ست الحسن وأحبته كما جرت العادة بأن يُحب حسن بنت الجيران ست الحسن ،لكن ظروف الحرب الأهلية وما تخللها من دمار وما تلاها من تشرذم طائفي بغيض ناهيك عن رقة الحال التي عاني منها الشاطرحسن خلال سبع سنوات عجاف حتي وقع الاتفاق الطائفي علي تقسيم المناصب والوظائف والعطايا والمنح بعيدا الكفاءة والخبرة
(3)
في وسط هذه الأجواء القاتمة اجتمع الحبيبان فكرا ثم فكرا ثم قدرا ومن ثمّ قررا أن يهربا مع حبهما إلي مصرحيث الأمان والسلام والشعب اللطيف المضياف الذي يفتح ذراعيه للغريب فما بالنا بالقريب وقد فعلها من قبل مع فريد ووديع والشحرورة ومازال النيل يجري
لكن ست الحسن كان لها رأي آخر اقترحت علي الشاطر حسن أن يهاجرا إلي جنوب الجنوب إلي أمريكا اللاتينية ويكررا مافعله كارلوس منعم فيكون الشاطر حسن رئيسا للأرجنتين أو أن يكون مثل كارلوس سليم فيجمع 60 مليار دولارمن المكسيك ويصبح أغني رجل في العالم رأي يشبه الحلم النهاري الوردي  لكنه لم يلقي قبولا عند الشاطر حسن
(4)
فرد عليها لماذا لا نسافر إلي الخليج العربي مثل الحريري وأنجاله من الشُطار فأجابته ست الحُسن في حدة (لعل مبعث ذلك علمها المسبق أنها إن وافقت علي هذا الرأي سوف تتخلي طوعا أو كرها عن كثير من حريتها ومظاهر أنوثتها الثائرة تحت العباءة السوداء وهو مالايمكن أن توافق عليه مهما كانت المغريات ) سافر أنت إلي الخليج أما أنا فقبلتي مصرلعلي أسير علي درب النجمة المتألقة نيكول سابا التي بدأت التجربة مع الزعيم ومن يومها وقصتها مع الحي الشعبي متواصلة مع ثمن دستة أشرار حتي نور مريم فصارت مع الكبير أوي
(5)أخيراً اقتنع الشاطر حسن بكلام ست الحسن وحطت به طائرة الشرق الأوسط علي شاطئ الخليج فبلش (بدأ)مديرا لقسم التسويق بشركة صغيرة وهكذا الشُطار ولدوا ليكونوا مُدراء كأنما جينات الإدارة تجري في عرقهم دون غيرهم  وترقي بجهده وعلاقاته الإنسانية التي كلفته في البدايات دم قلبه لكنها آتت أكلها بعد حين من الدهرفترقي حتي صار مديراً عاماً لشركة كبيرة لها فروع من المُحيط إلي الخليج العربي
(6)
لكنه رغم ماوصل إليه من جاه ومنصب رفيع لم ينس في ساعة من نهار أو ليل أميرته ست الحُسن التي علا نجمها في سماء مصر الحارسة و المحروسة وعندما جاء النصيب وعيد الحب معا في منتصف شُباط  (فبراير) وقدر الله جمع الشتيتين بعدما فرقتهما الأيام والليالي فتواصلا وتواعدا علي الإياب للوطن
(7)
عادا إلي بيروت في بهجة الربيع ليعقد العقد ويجمعهما الرباط المقدس ويطيرا بعدها كزوج من الحمام الزاجل (المُغني) إلي الريفيرا الفرنسية ليقضيا شهراً بمذاق العسل الذي مر كأنه ساعة من نهارمابين نيس وكان وتولون ثم أخيراً مارسيليا ومنها شرقاً إلي مطار الحريري ومنه شمالاً إلي رأس بيروت حيث حطا الرحال في عشهما الدافئ في شارع بدر دمشقية
(8)
مكثا فيه سبعة أيام سمان من 8 آذار وحتي 14 آذار أسبوع واحد يجمع بين أشياء كثيرة تبدو متناقضة بدايته فرحة بالعودة ومتعة باللقاء ونهايته ألم للفراق وحزن للبعاد بعده انطلق كل طائر إلي وجهته علي وعد بلقاء في أول مناسبة (9)
وجاءت أول مناسبة بعد تسعة أشهر حيث حل طفلهما الأول بنهاية كانون أول (ديسمبر) في قاهرة المعز لدين الله الفاطمي بجوارمقام سيدنا الحسين علي بعد خطوات من الجامع الأزهر المسمي تيمنا بالسيدة فاطمة الزهراء بنت الرسول الأعظم
(10)
فكان احتفالا رائعاً بسبوع المولود جمع كل الفرقاء المحبين لحضرة المحبوب والراشدين الأربعة - تزامن مع الاحتفال بميلاد السيد المسيح عليه السلام
وبعد الحفل بأسبوع كان علي الحياة أن تستمر فعاد الشاطر حسن إلي الخليج وبقيت ست الحسن في القاهرة علي وعد بلقاء جديد في مناسبة أخري
المسودة السابعة 10/11/2011
طبيب وكاتب مصري*

ليست هناك تعليقات: