الاثنين، 12 ديسمبر 2011

قصة (8) صرخة الأنثي الأخيرة

قصة (8) صرخة الأنثي الأخيرة
من مجموعة الذاكرة المقلوبة
بقلم  صديق الحكيم*
(1)
حين دلفت إلي حجرتها الخاصة لحظت بطرف عينها اليمني بصعوبة الصورة المعلقة أعلي الحائط الذي تسند عليه مرآتها الطويلة بطول نصفها العلوى  الذي تخفف من عبء الثياب الداكنة بحكم حرارة الجو أواجتراراً لمشهد مثير كان مألوفاً لكن توقف عرضه هنا من زمن بعيد
(2)
 وأمام المرآة المستوية قلبت البركان الهامد  بعينيها المنطفئتين فأدركت أنه قد حان آذان الغروب الذي فضح ما اقترفته أصابع ستة عقود بجسدها الناحل...فخلفت وراءها  صدرا مترهلا وشفتين متهدلتين... ووجها تزاحمت عليه خطوط الزمن طولاً وعرضاً فانحدرت من مقلتيها قطرات من دمع الأسى بحرارة حمم بركان ثائر علي وجنتين بهُت لونهما الأحمرالزاهي بفعل التقادم ولم تفلح كل ألوان المساحيق المستوردة أن تعيده إلي سيرته الأولي
(3)
  وفي الصورة المعلقة أعلي يمين المرآة  بدت حورية ثائرةً الملامح ظالمة الحسن  دونها الكواعب الأتراب وكأن شمساً مشرقة ترسل أشعتها الذهبية من وجه باسم الثغر متورد الوجنات مكتظ الشفاه  
وبريق ساطع  من عيون المها يُغري من سحره الناظرالمتجمد أمامه  أن يتحدي أشعة الشمس المبهرة  ...يكاد سناه يذهب بالأبصار
(4)
أخذت تقلب بصرها الكليل بين الصورة والمرآة حتي أيقنت أن عقارب الساعة التي تتعاقب لاهثة خلف بعضها نحوالأمام  لن تعود للوراء ثانية وأن ما اعتراها قبل أشهرقليلة من حمرة الخدين وفورة الجسد وعرق وزهق لم يكن سوي صرخة الأنثي الأخيرة بداخلها معلنة نفاذ رصيدها من الهرمون السحري الذي لايمكن إعادة شحنه مرة ثانية رغم المحاولات المستمرة للأطباء
 وعلمت أن صورة الشروق مهما بدت مبهرة  فلن تؤجل أوان الغروب تماما مثلما روت هي عن أمها عن جدتها  أن"كل وقت له آذان" وآذان الشروق ثورة بركان وحسن وبهاء... لكن يبقي للغروب آذان آخر
*(طبيب وكاتب مصري مقيم بالسعودية)
المسودة العاشرة 11 ديسمبر 2011

ليست هناك تعليقات: